فصل: شهر ذي الحجة الحرام سنة 1217:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)



.شهر ذي الحجة الحرام سنة 1217:

استهل بيوم الجمعة في يوم الإثنين رابعه، قتلوا شخصاً عسكرياً نصرانياً عند باب الخرق قتله أغات التبديل بسبب أنه كان يقف عند باب داره بحارة عابدين هو ورفيقان له ويخطفون من يمر بهم من النساء في النهار الى أن قبض عليه وهرب رفيقاه.
وفيه أيضاً أخرجوا من دار بحارة خشقدم قتلى كثيرة نساء ورجالاً من فعل العسكر.
وفيه عدى ابراهيم باشا الى بر الجيزة.
وفي يوم الأحد عاشره، كان عيد الأضحى في ذلك اليوم حضر من الأمراء القبالي مكاتبة على يد الشيخ سليمان الفيومي خطاباً للمشايخ فأخذها بختمها وذهب بها الى الباشا ففتحها واطلع على ما فيها، ثم طلب المشايخ فحضروا إليه وقت العصر.
وفي يوم الجمعة خامس عشره، حضرت مكاتبات من الديار الحجازية يخبرون فيها عن الوهابيين أنهم حضروا الى جهة الطائف فخرج إليهم شريف مكة الشريف غالب فحاربهم فهزموه، فرجع الى الطائف وأحرق داره التي بها وخرج هارباً الى مكة فحضر الوهابيون الى البلدة وكبيرهم المضايفي نسيب الشريف، وكان قد حصل بينه وبين الشريف وحشة فذهب مع الوهابيين، وطلب من مسعود الوهابي أن يؤمره على العسكر الموجه لمحاربة الشريف، ففعل فحاربوا الطائف وحاربهم أهلها ثلاثة أيام حتى غلبوا فأخذ البلدة الوهابيون واستولوا عليها عنوة وقتلوا الرجال وأسروا النساء ولاأطفال وهذا دأبهم مع من يحاربهم.
وفي ذلك اليوم، مر أربعة أنفار من العسكر وأخذوا غلاماً لرجل حلاق بخط بين السورين عند القنطرة الجديدة فعارضهم الأوسط الحلاق في أخذ الغلام فضربوا الحلاق وقتلوه، ثم ذهبوا بالغلام الى دارهم بالخطة فقامت في الناس ضجة وكرشة وحضر أغات التبديل فطلبهم فكرنكوا بالدار وضربوا عليه البنادق من الطيقان فقتلوا من أتباعه ثمانية أنفار، ولم يزالوا على ذلك الى ثاني يوم فركب الباشا في التبديل، ومر من هناك وأمر بالقبض عليهم فثقبوا عليهم من خلف الدار وقبضوا عليهم بعدما قتلوا وجرحوا آخرين فشنقوهم ووجدوا بالدار مكاناً خرباً أخرجوا منه زيادة عن ستين امرأة مقتولة وفيهن من وجودها وطفلها مذبوح معها في حضنها.
وفيه حضر علي آغا الوالي الى بيت أحمد آغا شويكار بضرب سعادة وأخرج منه قتلى كثيرة وأمثال ذلك شيء كثير.
وفي خامس عشره أيضاً، أمر الباشا الوجاقلية أن يخرجوا جهة العادلية لأجل الخفر من العربان فإنهم فحش أمرهم وتجاسروا في التعرية والخطف حتى على نواحي المدينة بل وطريق بولاق، وغير ذلك، فلما كان في ثاني يوم ركب الوجاقلية بأبهتهم وبيارقهم وحضروا الى بيت الباشا وخرجوا من هناك الى وطاقهم الذي أعدوه لأنفسهم خارج القاهرة وشرعوا أيضاً في تعمير قصر من القصور الخارجة التي خربت أيام الفرنسيس.
وفي تاسع عشره، سافر جماعة الوجاقلية المذكورين وصحبتهم عدة من العسكر الى جهة عرب الجزيرة بسبب إغارة موسى خالد، ومن معه على البلاد وقطع الطرق فلاقاهم المذكور وحاربهم وهزمهم الى وردان وذهب هو الى جهة البحيرة.
وفي رابع عشرينه يوم الأحد، كان عيد النصارى الكبير في ليلتها وهي ليلة الإثنين وقع الحريق في الكنيسة التي بحارة الروم، وفي صبحها أشاع ذلك فركب إليها أغات الانكشارية والوالي وأحضروا السقائين والفعلة الذين يعملون في عمارة الباشا حتى أخذوا الناس المجتمعة بسوق المؤيد بالأنماطيين وحضر الباشا أيضاً في التبديل واجتهدوا في إطفائها بالماء والهدم حتى طفئت في ثاني يوم واحترق بها أشياء كثيرة وذخائر وأمتعة ونهبت أشياء.
وفيه وردت أخبار بأن الأمراء المصرلية وصلوا الى منية بن خصيب فأرسلوا الى حاكمها بأن ينتقل منها ويعدي هو ومن معه من العسكر الى البر الشرقي حتى أنهم يقيمون بها أياماً ويقضون أشغالهم، ثم يرحلون فأبوا عليهم وحصنوا البلدة وزادوا في عمل المتاريس وحاكمها المذكور سليم كاشف تابع عثمان بك الطنبرجي المرادي المقتول فإنه سالم العثمانيين وانضم إليهم فألبسوه حاكماً على المنية وأضافوا إليه عساكر فذهب إليها ولم يزل مجتهداً في عمل متاريس ومدافع حتى ظن أنه صار في منعة عظيمة فلما أجابهم بالامتناع حضروا الى البلدة وحاربهم أشد المحاربة مدة أربعة أيام بلياليها حتى غلبوا عليهم ودخلوا البلدةوأطلقوا فيها النار وقتلوا أهلها وما بها من العسكر، ولم ينج منهم إلا من ألقى نفسه في البحر وعام الى البر الآخر أو كان قد هرب قبل ذلك، وأما سليم كاشف فإنهم قبضوا عليه حياً وأخذوه أسيراً الى ابراهيم بك فوبخه وأمر بضربه فضربوه علقة بالنبابيت.
وفيه وصلت هجانة من شريف باشا بمكاتبة للباشا والدفتردار يخبر فيها أنه وصل الى الينبع وهو عازم على الركوب من هناك على البر ليدرك الحج ويترك أثقاله تتوجه في المركب الى جدة.
وفي غايته وصل سلحدار باشا وصحبته أغات المقرر الذي تقدمت بشارته، فلما وصلوا الى بولاق أرسل الباشا في صبحها إليهم فركبوا في موكب الى بيت الباشا وضربوا لهم مدافع وحضر المشايخ والقاضي والأعيان والوجاقات فقرئ عليهم ذلك وفيه الأمر بتشهيل غلال للحرمين والحث والأمر بمحاربة المخالفين.
وفيه بعثوا نحو ألف من العسكر الى جهة أسيوط للمحافظة فساروا على الهجن من البر الشرقي.
وفيه أرسلوا أوراقاً الى التجار وأرباب الحرف بطلب باقي الفردة وهو القدر الذي كان تشفع فيه المحروقي وأخذوا في تحصيله.
وانقضت هذه السنة وما وقع بها من الحوادث الكلية التي ذكر بعضها وأما الجزئية فلا يمكن الإحاطة ببعضها فضلاً عن كلها لكثرتها واختلاف جهاتها واشتغال البال عن تتبع حقائقها ونسيان الغائب بالأشنع القبيح بالأقبح، فمن الكلية التي عم الضرر بها زيادة المكوس أضعاف المعتاد في كل ثغر ذهاباً وإياباً، ومنها توالي الفرد والسلف والمظالم على أهل المدينة والأرياف وحق طرق المعينين وكلفهم الخارجة عن الحد والمعقول بأدنى شكوى ولو بالباطل فبمجرد ما يأتي الشاكي بعرضحال شكواه يكتب له ورقة ويعين بها عسكري أو اثنان أو أكثر بحسب اختيار الشاكي وطلبه للتشفي من خصمه فبمجرد وصوله الىالمشكي بصورة منكرة وسلاح كثير متقلد به فلا يكون له شغل إلا طلب خدمته ولا يسأل عن الدعوى ولا عن صورتها ويطلب طلباً خارجاً عن المعقول كألف قرش في دعوى عشرة قروش وخصوصاً إذا كانت الشكوى على فلاح في قرية، فيحصل أشنع من ذلك من إقامتهم عندهم وطلبهم وتكليفهم الذبائح والفطور بما يشترطونه ويقترحونه عليهم وربما يذهب الشخص الذي يكون بينه وبين آخر عداوة قديمة أو مشاحنة أو دعوى قضى عليه فيها بحرق من زمان طويل فيقدم له عرضحال ويعين له مباشراً بفرمان ويذهب هو فلا يظهر ويذهب المعين في شغله والمشكي لا يرى الشامي ولا يدري من أين جاءته هذه المصيبة ويمكن أنه من بعد خلاصه من أمر المباشر يحضر الى بيت الباشا ويفحص عن خصمه ويعرفه فينهي دعواه ويظهر حجته بأنه على الحقث وأن خصمه على الباطل فيقال له عين على خصمك أيضاً فإن أجاب الى ذلك رسم له بفرمان ومعين آخر كذلك وإلا ترك أجره على الله ورجع فضاق ذرع الناس من هذه الحال وكرهوا هذه الأوضاع، وربما قتل الفلاحون المعينين وهربوا من بلادهم وجلوا عن أوطانهم خوف الغائلة، ولم يزل هذا دأبهم حتى نفرت منهم القلوب وكرهتهم النفوس وتمنوا لهم الغوائل وعصت أهل النواحي وعربدت العربان وقطعوا الطرق وعلموا خيانتهم فخانوهم ومكالبتهم فكالبوهم، وانتمى عربان الجهة القبلية الى الأمراء المصرلية وساعدوهم عليهم، ولما انحدر الأمراء الى جهة بحري انضمت إليهم جميع قبائل الجهة العربية والهنادي وعرب البحيرة وخلافهم، فلما وقعت الحروب بين الأمراء والعثمانيين وكانت الغلبة للأمراء والعربان زادت جسارتهم عليهم ورصدوا لهم الغوائل وقطعوا عليهم وعلى المسافرين الطرق بحراً وبراً، فمن ظفروا به ومانعهم نهبوا متاعه وقتلوه وإلا سلبوه وتركوه فحش الأمر جداً قبلي وبحري حتى وقف حال الناس، ورضوا عن أحكام الفرنسيس ومنها أن الباشا لم قتل الوالي والمحتسب وعمل قائمة تسعيرة للمبيعات وأن يكون الرطل اثنتي عشرة أوقية في جميع الأوزان وأبطلوا الرطل الزياتي الذي يوزن به السمن والجبن والعسل واللحم وغير ذلك وهو أربع عشرة أوقية، لم ينفذ من تلك الأوامر شيء سوى نقص الأرطال، ولم يزل ذو الفقار محتسباً حتى رتب المقررات على المتسببين زيادة عن القانون الأصلي وجعل منها قسط الخزينة للباشا وللكتخدا وخلافهما، ورجعت الأمور في الأسعار أقبح وأغلى مما كانت عليه في كل شيء واستمر الرطل اثنتي عشرة أوقية لا غير وكثر ورود الغلال أيام النيل ورخص سعرها والرغيف على مقدار رغيف الغلاء، ومنها أن الفضة الأنصاف العددية صاروا يأخذونها من دار الضرب أول بأول ويرسلونها الى الروم والشام زيادة الصرف ولا ينزل الى الصيارف منها إلا القليل حتى شحت بأيدي الناس جداً ووقف حالهم في شراء لوازم البيوت ومحقرات الأمور ويدور الأسانن بالريال أو المجبوب أو المجر وهو في يده طول النهار فلا يجد مصارفته وأغلقت غالب الصيارف حوانيتهم بسبب ذلك، وبسبب أذية العسكر فإنهم يأتون إليهم ويلزمونهم بالمصارفة فيقول له الصيرفي ليس عندي فضة فلا يقبل عذره ويفزع عليه بيطقانه أو بارودته وإن وجد عنده المصارفة، وكان المحبوب أو البندقي ناقصاً في الوزن لا يستقيم في نقصه، ولا يأخذ إلا صرفه كاملاً، وإذا اشترى شيئاً من سوقي أعطاه بندقياً وطلب باقيه، ولم يكن عند البائع باقيه أخذ الذي اشتراه والبندقي وذهب ولا يقدر المسبب على استخلاص حقه منه وإن وجد معه باقي الصارفة، وأخذ ذلك البندقي ونقد عند الصراف، وكان ناقصاً وهو الغالب لا يقدر الصيرفي أن يذكر نقصه فإن قال إنه ينقص كذا فزع عليه وسبه وبعضهم أدخل إصبعه في عين الصراف وأمثال ذلك. ف وأمثال ذلك.
ومنها شحة المراكب حتى أن المسافر يمكث الأيام الكثيرة ينتظر مركباً فلا يجد وربما أخذوها بعد تمام وسقها فنكتوه وأخذوها وإن مرت على الأمراء المصرلية، ومن انضم إليهم تعرضوا لها ونهبوا ما بها من الشحنة وأخذوا المركب واستمر هذا الحال على الدوام، فكان ذلك من أعظم أسباب التعطيل أيضاً.
ومنها تسلط العسكر على خطف الناس وسلبهم وقتلهم وخصوصاً في أواخر هذه السنة حتى امتنعت الناس من المرور في جهات سكنهم إلا أن يكونوا في عزوة ومنعة وقوة ولا تكاد ترى شخصاً يمر في الأسواق السلطانية من بعد المغرب، وقبيل العشاء وإذا اضطر الإنسان الى المرور تلك الأوقات، فلا يمر إلا كالمجازف على نفسه وكأنما على رسه الطير فيقال إن فعلهم هذه الفعائل من عوائدهم الخبيثة إذا تأخرت نفقاتهم، فعلوا ذلك مع العامة على حد قول القائل خلص تارك من جارك، وذلك كله بسبب تأخير جماكيهم وقطع خرجهم نحو خمسة أشهر والباشا يسوقهم ويقول هؤلاء لا يستحقون فلساً وأي شيء خرج من يدهم وطول المدى نكلفهم ونعطيهم، وما ستروا أنفسهم مع الغز المصرلية، ولا مرة فلا حاجة لنا بهم بل يخرجون عني ويذهبون حيث شاؤوا فليس منهم إلا الزرية والفنطزية وهم يقولون لا نخرج ولا نذهب حتى نستوفي حقنا على دور النصف الفضة الواحد وإن شئنا أقمنا وإن شئنا ذهبنا. ومنها استمرار الباشا على الهمة والاجتهاد في العمارة والبناء، وطلب الأخشاب والمؤن حتى عز جميع أدوات العمارة وضاق حال الناس بسبب احتياجهم لعمارة أماكنهم التي تخربت في الحوادث السابقة، وبلغ سعر الأردب الجبس مائة وعشرين نصفاً والجير المخلوط أربعين نصفاً وأجرة المعلم في اليوم خمسة وأربعين نصفاً ويتبعه آخر مثل ذلك والفاعل اثنين وعشرين نصفاً وأحدثوا أخذ إجازة من المعمارجي وهو أن الذي يريد بناء ولو كانوناً لا يقدر أن يأتيه البناء حتى يأخذ ورقة من المعمارجي ويدفع عليها خمسين نصفاً، ولم يزل الاجتهاد في العمارة المذكورة حتى أقاموا جانباً من القشلة وهي عبارة عن وكالة يعلوها طباق وأسفلها اصطبلات وحولها من داخل حواصل ومن خارج حوانيت وقهوة، فعندما تمت الحوانيت ركبوا عليها درفها وأسكنوا بها قهوجياً ومزيناً من أتباع الباشا وخياطين وعقادين وسروجية الباشا وغير ذلك، ولم يكمل تسقيف الطباق وعملوا لها بوابة عظيمة بمصاطب وهدموا حائط الرحبة المقابلة لبيت الباشا الخارجة، وعمرت وأنشئت بالحجر النحت المحكم الصنعة وعملوا لها باباً عظيماً ببدنات وأبراج عظيمة وبها طاقات عليا وسفلى، وصفوا بها المدافع العظيمة وبركة الرحبة مثل ذلك وعملوا لها باباً آخر قبالة باب القشلة، بحيث صار بينها وبين القشلة رحبة متسعة يسلك منه المارون الى جهة بولاق على الجسر الذي عمله الفرنسيس ويخرجون أيضاً في سلوكهم من بوابة عظيمة الى طريق بولاق من الجهة الغربية بحائط حجر متصلة من الرحلة حيث البوابة المواجهة للقشلة الى آخر القشلة، وعلى هذه البوابة من الجهتين مدافع مركبة على بدنات وأبراج وطيقان مهندمة وبأسفلها من داخل مصطبة كبيرة من حجر وبها باب يصعد منه الى تلك الأبراج والجبخانة والعساكر جلوس على تلك المصاطب الخارجة والداخلة لابسين الأسلحة وبنادقهم مرصوصة بدائر الحيطان وبداخل الرحبة الوسطانية مدافع عظيمة مرصوصة بطول الرحبة يميناً وشمالاً، وكذلك بداخل الحوش الجواني الأصلي وبأسفل البركة نحو المائتي مدفع مرصوصة أيضاً وعربيات وصناديق جبخانة وآلات حرب وغير ذلك والجبخانة الكبيرة لها محل مخصوص بالحوش الداخل الأصلي ولها خزنة وطبجية وعربجية.
ومنها أنه عدم البصل الأحمر حتى بيع الرطل بسعر القنطار في الزمن السابق وعدم الملح أيضاً بسبب احتكاره وعدم المراكب التي تجلبه من بحري لما ترتب عليهم من زيادة الجمرك. وعدم مكاسبهم فيه لأن الذي تولى على جمرك الملاحة صار يأخذه من أصحابه على ذمته بسعر قليل معلوم ويبيعه على ذمته بسعر كثير لمن يسافر به الى جهة قبلي، وذلك خلاف ما يأخذه من المراكب التي تحمله فامتنع المتسببون فيه من تجارته فعز وجوده في آخر السنة حتى بيع الربع بثمانين نصفاً من ثلاثة أنصاف وضجت الناس من ذلك، فأرسل ذلك الملتزم ثلاثة مراكب على ذمته ووسقها ملحاً وصار يبيع الربع بعشرين نصفاً ويبيعه المسبب بثلاثين. وهذا لم يعهد فيما تقدم من السنين وعدم أيضاً الصابون بسبب تأخر القافلة حتى بيع بأغلى ثمن، ثم حضرت القافلة فانحل سعره وتواجد، وغير ذلك مما لا يمكن الإحاطة به ونسأل الله تعالى حسن العاقبة.

.سنة ثمان عشرة ومائتين وألف:

.شهر المحرم سنة 1218:

استهل بيوم السبت في ذلك اليوم وقعت زعجة عظيمة في الناس وحصلت كرشات في مصر وبولاق حوانيتهم ورفعوا منهاما خف من متاعهم من الدكاكين وبعضهم ترك حانوته وهرب والبعض سقط متاعه من يده، ولم يشعر من شدة ما لحقهم من الخوف والإرجاف، ولم يعلم سبب ذلك فيقال إن السبب في ذلك أن جماعة من كبار العسكر ذهبوا الى الباشا وطلبوا جماكيهم المنكسرة وخرجهم، فقال لهم اذهبوا الى الدفتردار فذهبوا الى الدفتردار، فقال لهم حمكيتكم عند محمد علي فذهبوا الى محمد علي وكانوا وعدوهم بقبض جامكيتهم في ذلك اليوم، فلما ذهبوا الى محمد علي قال لهم لم أقبض شيئاً فعملوا معه شراسة، وضرب بيتهم بعض بنادق وهاجت العسكر عند بيت محمد علي سرششمه فحصلت هذه الزعجة في مصر وبولاق، ثم سكن ذلك بعد أن وعدهم بعد ستة أيام.
وفيه وردت عدة تقارير وبها جبخانة وجملة من العسكر وصحبتهم ابراهيم آغا الذي كان كاشف الشرقية عام أول، وكان توجه الى اسلامبول فحضر وصحبته ذلك، فحملوا الجبخانة وطلعوها الى القلعة فيقال إنها متوجهة الى جدة بسبب فتنة الحجاز، وقيل غير ذلك.
وفي يوم الجمعة سابعه، ثارت العسكر وحضروا الى بيت الدفتردار فاجتمعوا بالحوش وقفلوا باب القيطون وطردوا القواسة، وطلع جمع منهم فوقفوا بفسحة المكان الجالس به الدفتردار ودخل أربعة منهم عند الدفتردار فكلموه في إنجاز الوعد، فقال لهم إنه اجتمع عندي نحو الستين ألف قرش، فإما أن تأخذوها أو تصبروا كم يوم حتى يكمل لكم المطلوب، فقالوا لابد من التشهيل فإن العسكر تلقلقوا من طول المواعيد فكتب ورقة وأرسلها الى الباشا بأن يرسل إليه جانب دراهم تكملة للقدر الحاصل عنده في الخزينة فرجع الرسول وهو يقول لا أدفع ولا آذن بدفع شيء فإما أن يخرجوا ويسافروا من بلدي أو لابد من قتلهم عن آخرهم فعندما رجع بذلك الجواب، قال له ارجع إليه وأخبره أن البيت قد امتلأ بالعساكر فوق وتحت وإني محصور بينهم، فعند وصول المرسال وقبل رجوعه أمر الباشا بأن يديروا المدافع ويضربوها على بيت الدفتردار وعلى العسكر، فما يشعر الدفتردار إلا وجلة وقعت بين يديه فقام من مجلسه الى مجلس آخر وتتابع الرمي واشتعلت النيران في البيت وفي الكشك الذي أنشأه ببيت جده المجاور لبيته، وهو من الخشب والحجنة من غير بياض فلم يكمل فالتهب بالنار، فنزل الى أسفل والأرنؤد محيطة به وبات تحت السلالم الى الصباح ونهب العسكر الخزينة والبيت. ولم يسلم إلا الدفتردار والأوراق وضعوها في صناديق وشالوها، وكان ابتداء رمي المدافع وقت صلاة الجمعة، وأما أهل البلد فإنهم كانوا متخوفين ومتطيرين من قومة أو فزعة تحصل من العسكر قبل ذلك، فلما عاين الناس تجمعهم ببيت الدفتردار شاع ذلك في المدينة، ومر الوالي يقول للناس، ارفعوا متاعكم واحفظوا أنفسكم وخذوا حذركم وأسلحتكم فأغلق الناس الدكاكين والدروب وهاجوا وماجوا، فلما سمعوا ضرب المدافع زاد تطيرهم وتخيلوا هجوم العسكر ونهب البلد، بل ودخول البيوت ولا راد يردهم ولا حاكم يمنعهم، ونادى المنادي معاشر الناس وأولاد البلد، كل من كان عنده سلاح فليلبسه واجتمعوا عند شيخ مشايخ الحارات يذهب بكم الى بيت الباشا، وحضرت أوراق من الباشا لأهل الغورية، ومغاربة الفحامين وتجار خان الخليلي وأهل طولون يطلبهم بأسلحتهم والحضور عنده والتحذير من التخلف فذهب بعض الناس فأقاموهم عند بيت حريم الباشا وبيت بن المحروقي المجاور له وهو بيت البكري القديم فباتوا ليلتهم هناك، وحضر حسن آغا والي العمارة عشاء تلك الليلة، وطاف على الناس يحرضهم على القيام ومعاونة الباشا، وتجمع بعض الأوباش بالعصي والمساوق وتحزبوا أحزاباً وعملوا متاريس عند رأس الوراقين وجهة العقادين والمشهد الحسيني، فلما دخل الليل بطل الرمي الى الصباح فشرعوا في الرمي بالمدافع والقنابر من الجهتين وتترست العساكر بجامع أزبك وبيت الدفتردار وبيت محمد علي وكوم الشيخ سلامة وداخل الناس خوف عظيم من هذه الحادثة، وأما القلعة الكبيرة فإن الباشا مطمئن من جهتها لأنه مقيد بها الخازندار ومعه عدة من الأرنؤد وغيرهم وقافل أبوابها، ولما كان يوم الجمعة أمس تاريخه قبل حصول الواقعة، وحضر أغات الانكشارية والوجاقلية لأجل السلام على عادتهم ودخلوا عند كتخدا بك فقال لهم نبهوا على أهل البلد بغلق الدكاكين والأسواق والاستعداد فإن العكر حاصل عندهم قلة أدب، فلما طلعوا عند الباشا أعلموه بمقالة كتخدا بك فقال لهم نعم، فقال له أغات الانكشارية يا سلطانم ينبغي الاحتفاظ بالقلعة الكبيرة قبل كل شيء فقال إن بها الخازندار وأوصيته بالاحتفاظ وغلق الأبواب فقال له الآغا لكن ينبغي أن نترك عند كل باب من خارج قدر خمسين انكشارياً، فقال وايش فائدتهم ما عليكم من هذا الكلام تريدون تفريق عساكري، اذهبوا لما أمرتكم به وذلك لأحل إنقاذ القضاء وحضر طاهر باشا أيضاً في ذلك الوقت وهو كالمحب ومكمن العداوة فلم يقابله الباشا وأمره بأن يذهب الى داره ولا يقارش، فلما كان في صبحها يوم السبت رتب الباشا عساكره على طريقة الفرنسيس، وهو المسمى بالنظام الجديد فخرجوا بأسلحتهم وبنادقهم وخيولهم، وهم طوابير ومروا حوالي البركة وانقسموا فرقتين فرقة أتت على رصيف الخشاب وفرقة على جهة باب الهواء ليأخذوا الأرنؤدية بينهم ويحصروهم من الجهتين، فلما حضرت الفرقة التي من ناحية رصيف الخشاب قاتلوا الأرنؤدية، فعند ذلك أركبوا الدفتردار وأخذوه الى بيت طاهر باشا ومعه أتباعه وانهزم الأرنؤدية من تلك الجهة وانحصروا جهة جامع أزبك واشتغلوا بمحاربة الفرقة الأخرى وتحققوا الهزيمة والخذلان وعندما وصلت عساكر الباشا الى بيت الدفتردار والمحروقي وبيت حريم الباشا اشتغلوا بالنهب، وإخراج الحريم وتركوا القتال وتفرقوا بالمنهوبات وفترت همة الفرقة الأخرى وجرى أكثرهم ليخطف شيئاً ويغنم مثلهم، وقالوا نحن نقاتل ونموت لا على شيء وأصحابنا ينهبون ويغنمون فهزموا أنفسهم لذلك وتراجع الأرنؤدية واشتدت عزيمتهم ورجع البعض منهم الى عساكر الباشا فهزموا من بقي منهم وملكوا الجهة التي كانوا أجلوهم عنها فعند ذلك ظهر طاهر باشا وركب الى الرميلة وتقدم الى باب العزب فوجده مغلوقاً فعالج الطاقات الصغار التي في حائط باب العزب القريبة من الأرض المعدة لرمي المدافع من أسفل ففتح بعضها ودخل منها بعض عسكر فتلاقوا مع الأرنؤد المحافظين داخل الباب فالتف بعضهم على بعض. ثم طلعوا عند الخازندار وكان عنده ابن أخت طاهر باشا ممرضاً قبل ذلك بأيام وصحبته طائفة أيضاً فالتفوا على بعضهم وصاروا عصبة وطلبوا مفاتيح القلعة من الخازندار فمانعهم ولما رأى منهم العين الحمراء سلمهم المفاتيح فنزلوا وفتحوا الأبواب لطاهر باشا وحبسوا الخازندار وأنزلوا من القلعة مدافع وبنبات وجبخانة الى الأزبكية لجماعتهم وكذلك قيدوا بالقلعة طبجية وعساكر كل ذلك ومحمد باشا لا يدري بشيء من ذلك فلم يشعر إلا والضرب نازل عليه من القلعة فسأل ما هذا فقيل له إنهم ملكوا القلعة فسقط في يده وعند ذلك، نزل طاهر باشا من القلعة وشق من وسط المدينة وهو يقول بنفسه مع المنادي أمان واطمئنان افتحوا دكاكينكم وبيعوا واشتروا ما عليكم بأس وطاف يزور الأضرحة والمشايخ والمجاذيب ويطلب منهم الدعاء ورفع الناس المتاريس من الطرق وانكفوا عن مقارشة العسكر وكذلك لم يحصل أذية من العسكر لأحد من الرعية وأمروا بفتح مخابز العيش والمآكل وأخذوا واشتروا عن غير إجحاف ولا بخس فلما علم الباعة منهم ذلك ذهبوا إليهم بالعيش والكعك والجبن والفطير والسميط وغير ذلك ودخلوا فيهم يبيعون عليهم وهم يشترون منهم بالمصلحة وصار بعض أولاد البلد يذهب الى الفرجة ويدخل بينهم ويمر من وسطهم فلا يتعرضون لهم ويقولون نحن مع بعضنا وأنتم رعية فلا علاقة لكم بنا ووجدوا مع البعض سلاحاً ذهب به عندما أرسل الباشا ونادى بالناس فردوهم بلطف وكل ذلك على غير القياس، وطاهر باشا لم يكن له شغل إلا الطواف بالمدينة والأسواق وخارج البلد ويقول للفلاحين الذين يجلبون الحطب والجلة والسمن والجبن من الأرياف كونوا على ما أنتم عليه وهاتوا أسبابكم وبيعوا واشتروا وليس عليكم باس، وحضر إليه الوالي فأمره بالمرور والمناداة بالأمن للناس، واستمر الحرب بين الفريقين نهار السبت واشتد ليلة الأحد طول الليل، فما أصبح النهار حتى زحف عساكر الأرنؤد الى جامع عثمان كتخدا والي حارة النصارى من الجهة الأخرى وطلعوا الى التلول التي بناحية بولاق وملكوا بولاق وهجموا على مناخ الجمال الذي بالقبر من الشيخ فرج فقتلوا من به من عسكر التكرور وهرب من بقي منهم عرياناً وقبضوا على منش القبطان وعدوا بالغليون الى بر انبابة ونهبوا ما فيه وكان به مال القبطان وذخائره التي جمعها من مظالم المراكب والمسافرين والقادمين شيئاً كثيراً، وكذلك ذهبت طائفة منهم الى قصر العيني وقبضوا على من به من عبيد الباشا وعروهم وأخذوهم أسرى ونهبوا بيت السيد أحمد المحروقي بالأزبكية وهو بيت البكري القديم وقد كان أخلاه لنفسه وعمره وسكنه بحريمه فنهبوا منه شيئاً كثيراً يفوق الحصر وأخرجوا منه النساء بعدما فتشوهن أو افتدين أنفسهن وكذلك بيت حريم الباشا الملاصق له بعدما أرسل الباشا عساكره قبل بيوم فنقل منه الحريم عنده بطولهن لا غير ونهبوا بيت جرجس الجوهري وأخذوا منه أشياء نفيسة كثيرة وفراوي مثمنة وحريم بيت الباشا لم يتمكنوا منه إلا بعد انفضاض القضية بيومين بسبب أن المحافظين عليه كانوا ثمانية عشر فرنساوياً فحاصروا فيه هذه المدة حتى خرجوا منه بأمان وأما سكان تلك الخطة فإنهم كانوا يذهبون الى طاهر باشا أو محمد علي فيرسل معهم عسكراً لخفارتهم حتى ينقلوا أمتعتهم أو أمكنهم الى جهات بعيدة عن ذلك المحل ليأمنوا على أنفسهم من الحرب وهرب المحروقي وابنه عند الباشا ولاحت لوائح الخذلان على الباشا واستعد للفرار فإنه لما بات تلك الليلة لم يجد عليقاً ولا خبزاً فعلقوا على الخيل أرزاً وتعشى الباشا بالبقسمات وأرسل الى حارة النصارى فطلب منهم خبزاً فأرسلوا له خبزاً فخطفه الأرنؤد في الطريق، ولم يصل إليه ثم أن عسكر الأرنؤد أحضروا آلة بنية ووضعوها بالبركة وضربوا بها على بيت الباشا فوقعت واحدة الى الباذاهنج فالتهب فيه النار فأرادوا إطفاءها فلم يجدوا سقائين تنقل الماء ويقال إن الخازندار الذي كان بالقلعة لما قبضوا عليه التزم لهم بحرق بيت الباشا ويطلقوه فأرسل بعض أتباعه الى مكانه الذي ببيت الباشا فأوقدوا فيه النار في ذلك الوقت واشتعلت في الأخشاب والسقوف وسرت الى مساكن الباشا فعند ذلك نزل الباشا الى أسفل وأنزل الحريم وعددهن سبع عشرة امرأة فأركبهن بغالاً وأمر الدلاة والهوارة أن يتقدموهن وركب صحبتهن المحروقي وابنه وترجمانه وصيرفيه وعبيده وفراشوه وتأخر الباشا حتى أركب الحريم ثم ركب في مماليكه ومن بقي من عسكره وأتباعه وركب معه حسين أغاشنن وبعض أغوات وصحبته ثلاث هجن وخرج الى جزيرة بدران فعندما أشيع ركبوه هجمت عساكر الأرنؤد على البيت واشتغلوا بالنهب هذا والنار تشتعل فيه وكان ركوبه قبيل أذان العصر من يوم الأحد تاسع المحرم وخرج خلفه عدة وافرة من عسكر الأرنؤد فرجع عليهم وهزمهم مرتين وقيل ثلاثاً وأما المحروقي ومن معه فإنهم تشتتوا من بعضهم خلف الدلاة ولم يلحقوهم، وانقطع حزام بغلته فنزل عنها فأدركه العساكر المتلاحقة بالباشا فعروه وشلحوه هو وأتباعه وابنه وأخذوا منهم نحو عشرين ألف دينار اسلامبولي نقدية وقيل جواهر بنحو ذلك فأدركهم عمر آغا بيناشي المقيم ببولاق فوقعوا عليهم فأمنهم وأخذهم معه الى بولاق وباتوا عنده الى ثاني يوم وأخذ لهم أماناً وحضر الى طاهر باشا وقابله وكذلك جرجس الجوهري ونهب العسكر بيت الباشا وأخذوا منه شيئاً كثيراً وباتت النار تلتهب فيه والدخان صاعد الى عنان السماء حتى لم يبق فيه إلا الجدران التحتانية الملاصقة للأرض واحترقت وانهدمت تلك الأبنية العظيمة المشيدة العالية وما به من قصور والمجالس والمقاعد والرواشن والشبابيك والقمريات والمناظر والتنهات والخزائن والمخادع وكان هذا البيت من أضخم المباني المكلفة فإنه إذا حلف الحالف أنه صرف على عمارته من أول الزمان الى أن احترق عشر خزائن من المال أو أكثر لا يحنث فإن الألفي لما أنشأه صرف عليه مبالغ كثيرة وكان أصل هذا المكان قصراً عمره وأنشأه السيد ابراهيم ابن السيد سعودي اسكندر من فقهاء الحنفية وجعل في أسفله قناطر وبوائك من ناحية البركة وجعلها برسم النزهة لعامة الناس، فكان يجتمع بها عالم من أجناس الناس وأولاد البلد شيء كثير وبها قهاوي وبياعون وفكهانية ومغاني وغير ذلك، ويقف عندها مراكب وقوارب بها من تلك الأجناس فكان يقع بها وبالجسر المقابل لها من عصر النهار الى آخر الليل من الخط والنزاهة ما لا يوصف، ثم تداول ذلك القصر أيدي الملاك وظهر علي بك وقساوة حكمه فسدوا تلك البوائك ومنعوا الناس عنها لما كان يقع بها في الأحيان من اجتماع أهل الفسوق والحشاشين، ثم اشترى ذلك القصر الأمير أحمد آغا شويكار وباعه بعد مدة فاشتراه الأمير محمد بك الألفي في سنة إحدى عشرة ومائتين وألف وشرع في هدمه وتعميره وإنشائه على الصورة التي كان عليها وكان غائباً جهة الشرقية فرسم لكتخداه صورته في كاغد بكيفية وضعه فحضر ذو الفقار كتخدا وهدم ذلك القصر وحضر الجضران ووضع الأساس وأقام الدعائم ووضع سقوف الدور السفلى فحضر عند ذلك مخدومه، فلم يجده على الرسم الذي حدده له فهدمه ثانياً وأقام دعائمه على مراده واجتهد في عمارته وطلب له الصناع والمؤن من الأحجار والأخشاب المتنوعة حتى شجت المؤن في ذلك الوقت وأوقفت أربعة من أمرائه على أربع جهاته وعمل على ذمة العمارة طواحين للجبس، وقمن الجير وأحضر البلاط من الجبل قطعاً كباراً ونشرها على قياس مطلوبه وكذلك الرخام، وذلك خلاف أنقاض رخام المكان وأنقاض الأماكن التي اشتراها وهدمها وأخذ أخشابها وأنقاضها ونقلها على الجمال. وفي المراكب لأجل ذلك فمنها البيت الكبير الذي أنشأه حسن كتخدا الشعراوي على بركة الرطلي وكان به شيء كثير من الأخشاب والأنقاض والشبابيك والرواشن نقلت جميعها الى العمارة فصار كل من الأمراء المشيدين يبني وينقل ويبيع ويفرق على من أحب حتى بنوا دوراً من جانب تلك العمارة والطلب مستمر حتى أتموه في مدة يسيرة وركب على جميع الشبابيك شرائح الزجاج أعلى وأسفل وهو شيء كثير جداً وفي المخادع المختصة به ألواح الزجاج البلور الكبار التي يساوي الواحد منها خمسمائة درهم وهو كثير أيضاً، ثم فرشه جميعه بالبسط الرومي والفرش الفاخر وعلقوا به الستائر والوسائل المزركشة وطوالات المراتب كلها مقصبات وبنى به حمامين علوياً وسفلياً الى غير ذلك فما هو إلا أن تم ذلك فأقام به نحو عشرين يوماً، ثم خرج الى الشرقية فأقام هناك وحضر الفرنسيس فسكنه ساري عسكر بونابارته فعمر فيه أيضاً عمارة، ولما سافر وأقام مكانه كلهبر عمر فيه أيضاً، فلما قتل كلهبر وتولى عوضه عبد الله منو لم يزل مجتهداً في عمارته وغير معاليمه وأدخل فيه المسجد وبنى الباب على الوضع الذي كان عليه وعقد فوقه القبة المحكمة وأقام في أركانها الأعمدة بوضع محكم متقن وعمل السلالم العراض التي يصعد منها الى الدور العلوي والسفلي من على يمين الداخل وجعل مساكنه كلها تنفذ الى بعضها البعض على طريقة وضع مساكنهم واستمر يبني فيه ويعمر مدة إقامته الى أن خرج من مصر، فلما حضر العثمانية وتولى على مصر محمد باشا المذكور رغب في سكنى هذا المكان وشرع في تعميره هذه العمارة العظيمة حتى أنه رتب لحرق الجير فقط إثنى عشر قميناً تشتغل على الدوام والجمال التي تنقل الحجر من الجبل ثلاث قطارات كل قطار سبعون جملاً وقس على ذلك بقية اللوازم ورموا جميع الأتربة في البركة حتى ردموا منها جانباً كبيراً ردماً غير معتدل حتى شوهوا البركة وصارت كلها كيماناً وأتربة والعجب أن منتهى الرغبة في سكن هذه البركة وأمثالها إنما هو تسريح النظر وانبساط النفس باتساعها وإطلاقها وخصوصاً أيام النيل حين تمتلئ بالماء فتصير لجة ماء بركارية مملوءة بالزوارق والقنج والشطيات المعدة للنزهة تسرح فيها ليلاً ونهاراً وعند دخول المساء يوقدون القناديل بدائرها في جميع قواطين البيوت فيصير لذلك منظر بهيج لاسيما في الليالي المقمرة فيختلط ضحك الماء في وجه البدر والقناديل وانعكاس خيالها كأنها أسفل الماء أيضاً وصدى أصوات القيان والأغاني في ليال لا تعد من الأعمار إذ الناس ناس والزمان زمان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الى أن كان ما كان ووقعت هذه الحوادث فتضاعف المسخ والتشويه والعجب أنه لما وقعت الحرابة بين الفرنساوية والعثمانية وأهل مصر وأقام الحرب 36 يوماً وهم يضربون على ذلك البيت بالمدافع والقنابر، لم يصبه شيء ولم ينهدم منه حجراً واحداً ولما وقعت هذه الحرابة بين الباشا وعسكره احترق وانهدم في ليلة واحدة وكذلك احترق بيت الدفتردار وهو بيت ثلاثة ولية الذي كان أنشأه رضوان كتخدا الجلفي وكان بيتاً عظيماً ليس له نظير في عمارته وزخرفته وكلفته وسقوفه من أغرف ما صنعته أيدي بني آدم في الدقة والصنعة وكله منقوش بالذهب واللازورد والأصباغ وعلى مجالسه العليا قباب مصنعة وأرضه كلها بالرخام الملون فاحترق جميعه، ولم يبق به شيء إلا بعض الجدران اللاطئة بالأرض وسكنت الفتنة وشق الوالي علي آغا الشعراوي وذو الفقار المحتسب وأغات الانكشارية ونادوا بالأمان والبيع والشراء فكانت مدة ولاية هذا الباشا على مصر سنة وثلاثة أشهر وواحداً وعشرين يوماً، وكان سيئ التدبير ولا يحسن التصرف ويحب سفك الدماء ولا يتروى في ذلك ولا يضع شيئاً في محله ويتكرم على من لا يستحق ويبخل على من يستحق وفي آخر مدته داخله الغرور وطاوع قرناء السوق المحدقين به والتفت الى المظالم والفرد على الناس وأهل القرى حتى أنهم كانوا حرروا دفاتر فردة عامة على الدور الأماكن بأجرة ثلاث سنوات، وقيل أشنع من ذلك فأنقذ الله منه عباده وسلط عليه جنده وعساكره، وخرج مرغوماً مقهوراً على هذه الصورة، ولم يزل في سيره الى أن نزل بقليوب بعد الغروب فعشاه الشواربي شيخ قليوب، ثم سار ليلاً الى دجوة فأنزل الحريم والأثقال في ثلاثة مراكب وسار هو الى جهة بنها وغالب جماعته تخلفوا عنه بمصر وكذلك الكتخدا وديوان أفندي والخازندار الذي كان بالقلعة والسلحدار وخليل أفندي خزنة كاتب. وينقل ويبيع ويفرق على من أحب حتى بنوا دوراً من جانب تلك العمارة والطلب مستمر حتى أتموه في مدة يسيرة وركب على جميع الشبابيك شرائح الزجاج أعلى وأسفل وهو شيء كثير جداً وفي المخادع المختصة به ألواح الزجاج البلور الكبار التي يساوي الواحد منها خمسمائة درهم وهو كثير أيضاً، ثم فرشه جميعه بالبسط الرومي والفرش الفاخر وعلقوا به الستائر والوسائل المزركشة وطوالات المراتب كلها مقصبات وبنى به حمامين علوياً وسفلياً الى غير ذلك فما هو إلا أن تم ذلك فأقام به نحو عشرين يوماً، ثم خرج الى الشرقية فأقام هناك وحضر الفرنسيس فسكنه ساري عسكر بونابارته فعمر فيه أيضاً عمارة، ولما سافر وأقام مكانه كلهبر عمر فيه أيضاً، فلما قتل كلهبر وتولى عوضه عبد الله منو لم يزل مجتهداً في عمارته وغير معاليمه وأدخل فيه المسجد وبنى الباب على الوضع الذي كان عليه وعقد فوقه القبة المحكمة وأقام في أركانها الأعمدة بوضع محكم متقن وعمل السلالم العراض التي يصعد منها الى الدور العلوي والسفلي من على يمين الداخل وجعل مساكنه كلها تنفذ الى بعضها البعض على طريقة وضع مساكنهم واستمر يبني فيه ويعمر مدة إقامته الى أن خرج من مصر، فلما حضر العثمانية وتولى على مصر محمد باشا المذكور رغب في سكنى هذا المكان وشرع في تعميره هذه العمارة العظيمة حتى أنه رتب لحرق الجير فقط إثنى عشر قميناً تشتغل على الدوام والجمال التي تنقل الحجر من الجبل ثلاث قطارات كل قطار سبعون جملاً وقس على ذلك بقية اللوازم ورموا جميع الأتربة في البركة حتى ردموا منها جانباً كبيراً ردماً غير معتدل حتى شوهوا البركة وصارت كلها كيماناً وأتربة والعجب أن منتهى الرغبة في سكن هذه البركة وأمثالها إنما هو تسريح النظر وانبساط النفس باتساعها وإطلاقها وخصوصاً أيام النيل حين تمتلئ بالماء فتصير لجة ماء بركارية مملوءة بالزوارق والقنج والشطيات المعدة للنزهة تسرح فيها ليلاً ونهاراً وعند دخول المساء يوقدون القناديل بدائرها في جميع قواطين البيوت فيصير لذلك منظر بهيج لاسيما في الليالي المقمرة فيختلط ضحك الماء في وجه البدر والقناديل وانعكاس خيالها كأنها أسفل الماء أيضاً وصدى أصوات القيان والأغاني في ليال لا تعد من الأعمار إذ الناس ناس والزمان زمان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الى أن كان ما كان ووقعت هذه الحوادث فتضاعف المسخ والتشويه والعجب أنه لما وقعت الحرابة بين الفرنساوية والعثمانية وأهل مصر وأقام الحرب 36 يوماً وهم يضربون على ذلك البيت بالمدافع والقنابر، لم يصبه شيء ولم ينهدم منه حجراً واحداً ولما وقعت هذه الحرابة بين الباشا وعسكره احترق وانهدم في ليلة واحدة وكذلك احترق بيت الدفتردار وهو بيت ثلاثة ولية الذي كان أنشأه رضوان كتخدا الجلفي وكان بيتاً عظيماً ليس له نظير في عمارته وزخرفته وكلفته وسقوفه من أغرف ما صنعته أيدي بني آدم في الدقة والصنعة وكله منقوش بالذهب واللازورد والأصباغ وعلى مجالسه العليا قباب مصنعة وأرضه كلها بالرخام الملون فاحترق جميعه، ولم يبق به شيء إلا بعض الجدران اللاطئة بالأرض وسكنت الفتنة وشق الوالي علي آغا الشعراوي وذو الفقار المحتسب وأغات الانكشارية ونادوا بالأمان والبيع والشراء فكانت مدة ولاية هذا الباشا على مصر سنة وثلاثة أشهر وواحداً وعشرين يوماً، وكان سيئ التدبير ولا يحسن التصرف ويحب سفك الدماء ولا يتروى في ذلك ولا يضع شيئاً في محله ويتكرم على من لا يستحق ويبخل على من يستحق وفي آخر مدته داخله الغرور وطاوع قرناء السوق المحدقين به والتفت الى المظالم والفرد على الناس وأهل القرى حتى أنهم كانوا حرروا دفاتر فردة عامة على الدور الأماكن بأجرة ثلاث سنوات، وقيل أشنع من ذلك فأنقذ الله منه عباده وسلط عليه جنده وعساكره، وخرج مرغوماً مقهوراً على هذه الصورة، ولم يزل في سيره الى أن نزل بقليوب بعد الغروب فعشاه الشواربي شيخ قليوب، ثم سار ليلاً الى دجوة فأنزل الحريم والأثقال في ثلاثة مراكب وسار هو الى جهة بنها وغالب جماعته تخلفوا عنه بمصر وكذلك الكتخدا وديوان أفندي والخازندار الذي كان بالقلعة والسلحدار وخليل أفندي خزنة كاتب.
وفي يوم الإثنين عاشره، نودي بالأمان أيضاً وأن العساكر لا يتعرضون لأحد بأذية وكل من تعرض له عسكري بأذية ولو قليلة فليشتكه الى القلق الكائن بخطته ويحضره الى طاهر باشا فينتقم له منه.
وفي يوم الخميس وقت العصر، حضر الآغا والوجاقلية الى بيت القاضي وأعلموه باجتماعهم في غد عند طاهر باشا ويتفقون على تلبيسة قائمقام ويكتبون عرض محضر بحاصل ما وقع.
وفي ذلك اليوم، حضر جعفر كاشف تابع ابراهيم بك وبيده مراسلة خطاباً للعلماء والمشايخ وقيل إنه كان بمصر من مدة أيام، وكان يجتمع بطاهر باشا كل وقت بالشيخونية، فلما أصبح يوم الجمعة رابع عشره اجتمع المشايخ عند القاضي، وركبوا صحبته وذهبوا عند طاهر باشا وعملوا ديواناً وأحضر القاضي فروة سمور ألبسها لطاهر باشا ليكون قائمقام حتى تحضر له الولاية أو يأتي وال وكلموه على رفع الحوادث والمظالم وظنوا فيه الخيرية واتفقوا على كتابة عرضحال بصورة ما وقع وقرأوا المكتوب الذي حضر من عند الأمراء القبالى وهو مشتمل على آيات وأحاديث وكلام طويل ومحصله أنهم طائعون وسممتثلون ولم يحصل منهم تعد ولا محاربة وإنما إذا حضروا الى جهة أو بلدة وطلبوا المرور عليها أو قضاء حاجة من بندر منعهم الحاكم والعساكر التي بها ونابذ بالمحاربة والطرد ومع ذلك إذا وقعت بيننا محاربة لا يثبتون لنا وينهزمون ويفرون وقد تكرر ذلك المرة بعد المرة ولا يخفى ما يترتب على ذلك من النهب والسلب وهتك الحرائر وقد وقع لنا لما حضرنا بالمنية فحصل ما حصل وبدؤونا بالطرد والإبعاد حصل ما حصل مما ذكر وعوقب من لا جنى وذنب الرعية والعباد في رقابكم وقد التمسنا من ساداتنا المشايخ أن يتشفعوا لنا عند حضرة الوزير ويعطينا ما يقوم بمؤونتنا ومعايشنا فأبى حضرة الوزير إلا إخراجنا من القطر المصري كلياً وبعثتم تحذرونا مخالفة الدولة العلية مستدلين علينا بقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ولم تذكروا لنا آية تدل على أننا نخرج من تحت السماء ولا آية تدل على أننا نلقى بأيدينا الى التهلكة وذكرتم لنا أن حريمنا وأولادنا بمصر وربما ترتب على المخالفة وقوع الضرر بهم وقد تعجبنا من ذلك فإننا إنما تركنا حريمنا ثقة بأنهم في كفالتكم وعرضكم على أن المروءة تأبى صرف الهمة الى امتداد الأيدي للحريم والرجال للرجال على أن أملك دوراً والله يقلب الليل والنهار والملك بيد الله يؤتيه من يشاء قل الله مالك الملك الآية، فلما قرئ ذلك بتفاصيله تعجب السامعون له فكأنما كانوا ينظرون من خلف حجاب الغيب وأخذ ذلك المكتوب طاهر باشا وأودعه في جيبه، ثم قال الحاضرون، فما يكون الجواب قال حتى نتروى في ذلك، ثم كتب لهم جواباً يخبرهم فيه بما وقع ويأمرهم بأنهم يحضرون بالقرب من مصر لربما اقتضى الحال الى المعاونة.
وفي يوم الإثنين سابع عشره، كتبوا العرض المحضر بصورة ما وقع وختم عليه المشايخ والوجاقلية وأرسلوه الى اسلامبول وأما محمد باشا المهزوم فإنه لم يزل في سيره حتى وصل الى المنصورة وفرد على أهلها تسعين ألف ريال وكذلك فرد على علي ما أمكنه من بلاد الدقهلية والغربية فرداً ومظالم وكلفاً وصادف في طريقه بعض المعينين حاضرين بمبالغ الفردة السابقة فأخذها منهم.
وفي ليلة الثلاثاء، بعد المغرب ثامن عشره أرسل طاهر باشا عدة من العسكر فقبضوا على جماعة من بيوتهم وهم أغات الانكشارية ومصطفى كتخدا الرزاز ومصطفى آغا الوكيل وأيوب كتخدا الفلاح وأحمد كتخدا علي والسيد أحمد المحروقي فأنزلوه الى بيته في ثاني يوم وعملوا عليه ستمائة ولزم العسكر بيته، وكذلك بقية الجماعة منهم من عمل عليه مائتا كيس وأقل وأكثر وأقاموا في الترسيم.
وفي يوم الجمعة حادي عشرينه، ركب طاهر باشا بالموكب والملازمين وصلى الجمعة بجامع الحسين.
وفيه وردت الأخبار بأن الأمراء المصرية رجعوا الى قبلي ووصلوا الى قرب بني سويف.
وفيه تشفع شيخ السادات في مصطفى آغا الوكيل وأخذه الى بيته وعملوا عليه مائتين وعشرين كيساً، فلما كان يوم الأحد أرسل طاهر باشا يطلب مصطفى آغا الوكيل من عند شيخ السادات فركب معه شيخ السادات وسعيد آغا وكيل دار السعادة وذهبا صحبته الى بيت طاهر باشا. فلما طلعوا الى أعلى الدرج خرج عليهم جماعة من العسكر وجذبوا مصطفى آغا من بينهم وقبضوا عليه وأنزلوه الى أسفل وأخذوه الى القلعة ماشياً على أقدامه فحنق الشيخ السادات ودخل على طاهر باشا وتشاجر معه فأطلعه على مكتوب مرسل من محمد باشا إليه فقال هذا لا يؤاخذ به وإنما يؤاخذ إذا كان المكتوب منه الى محمد باشا، ثم انحط الأمر على أنه لا يقتله ولا يطلقه ثم أن طاهر باشا ركب ليلاً وذهب الى شيخ السادات وأخذ خاطره بعد ما فزع من حضوره إليه في ذلك الوقت.
وفي ثالث عشرينه، أطلعوا يوسف كتخدا الباشا الى القلعة وألزموه بمال وكذلك خزنة كاتب.
وفيه، خرج أمير الأزلام لملاقاة الحجاج فنصب وطاقه بقبة النصر وأقام هناك.
وفيه حضر هجان على يده مكاتيب كر مؤرخة في عشرين شهر الحجة مضمونها أن الوهابيين أحاطوا بالديار الحجازية وأن شريف مكة غالب تداخل مع شريف باشا وأمير الحاج المصري والشامي وأرشاهم على أن يتعوقوا معه أياماً حتى ينقل ماله ومتاعه الى جدة وذلك بعد اختلاف كبير وحل وربط وكونهم يجتمعون على حربه ثم يرجعون على ذلك الى أن اتفق رأيهم على الرحيل فأقاموا مع الشريف اثني عشر يوماً، ثم رحلوا ورحل الشريف بعد أن أحرق داره ورحل شريف باشا أيضاً الى جدة.
وفيه قبضوا على أنفار من الوجاقلية أيضاً المستورين وطلبوا منهم دراهم وعملوا على طائفة القبط الكتبة خمسمائة كيس بالتوزيع.
وفي خامس عشرينه، قبضوا على جماعة منهم وحبسوهم وكذلك عملوا على طائفة اليهود مائة كيس.
وفيه حضر أحمد آغا شويكار الى مصر بمراسلة من الأمراء القبالى.
وفي يوم الأربعاء سادس عشرينه، سافرت التجريدة المعينة لمحمد باشا وكبيرها حسن بك أخو طاهر باشا فنزلوا في مراكب وفي البر أيضاً.
وفي يوم الخميس قبضوا على المعلم ملطي القبطي من أعيان كتبة القبط وهو الذي كان قاضياً أيام الفرنسيس فرموا رقبته عند باب زويلة وكذلك قطعوا رأس المعلم حنا الصبحاني أخي يوسف الصبحاني من تجار الشوام عند باب الخرق في ذلك اليوم وأقاما مرميين الى ثاني يوم.
وفي يوم السبت غايته، رجع أحمد آغا شويكار بجواب من الباشا الى رفقائه وأشيع وصول ابراهيم بك ومن معه الى زاوية المصلوب ووصلت مقدماتهم الى بر الجيزة يقبضون الكلف من البلاد.
وفيه أفرجوا عن يوسف كتخدا الباشا بعد أن دفع ثمانين كيساً ونزل من القلعة الى داره.
وفيه أرسل طاهر باشا الى مصطفى أفندي رامز الكاتب وابراهيم أفندي الروزنامجي وسليمان أفندي فأخذوهم عند عبد الله أفندي رامز الروزنامجي الرومي.